Tuesday, November 13, 2007

في ساعة نحس - قراءة في كتاب

نهض الأب أنخيل بجهد وقور, حكّ عينيه بأشاجعه, نحى غطاء كلته المزخرف, اقتعد الحشايا الجرداء مكتئباً ...ليدرك أنه لا يزال على قيد الحياة و ليتذكر اسم اليوم و ما يقابله من أيام في تقويم القديسين, راح يحدّث نفسه, اليوم الثلاثاء الرابع من أكتوبر, و بصوتٍ منخفض قال: القديس فرانسيس الأسيزي.

ارتدى ملابسه دون أن يغتسل و دون أن يرتل صلاته, كان وافر البدن أصهب له القوام المسالم و المستأنس الذي يتمتع به ثور,..., و كان يتحرك بإيماءات غليظة حزينة, و بعد أن أبدى اهتماماً بإحكام أزرار ردائه الديني بانتباه فاتر و حركات تماثل تلك التي يعزف بها على القيثار, أزاح الرتاج و فتح الباب المطل على الفناء, ..., تنهّد محدثاً نفسه: "سيفيض البحر بدموعي".

....

كانت هذه السطور الأولى من الفصل الأول لرواية "في ساعة نحس", و التي أنهيتها منذ ليلتين, للعبقري الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز, الحائز على جائزة نوبل عن "مئة عام من الوحده", الرواية من أعماله المبكره و التي يقال أنها كانت أساساً لرواياته التي تلتها, بصراحه لم أتعمق في قراءة أي شئ عن الكتاب قبل شرائه, فإسم الكاتب كان سبباً كافياً بالنسبة لشرائه.

الرواية تحكي قصة مجموعه من الشخصيات في قرية هادئه, ممله, كل شيء فيها يتحرك بنظام أشبه بالأوتوماتيكي, القرية كانت تفتقر للديناميكية, للحركة, لعنصر المفاجأة, و هذا ما سيحدث لاحقاً فالقرية تواجه موجه من نشرات فضائح يتم توزيعها على أبواب أهل القرية, و تحمل هذه النشرات بالطبع فضائح و أسرار أهالي هذه القرية, و تتأزم الأمور عندما يقتل سيزار مونتيرو و هو أحد سكان البلده باستور و ذلك بعد قراءته في نشرات الفضائح أن باستور على علاقة بزوجته. هناك العمده المتهم بجرائم قتل غامضه و من يدخل سجونه قد لا يوّفق في العودة منها, و هناك كذلك الأب الذي لا يتوانى عن مهاجمة أي موجه للتغيير, سواء من خلال رفضه لعروض الأفلام الأجنبية أو حتى مرور سرك الغجر, بالإضافة لهما هناك شخصيات عديده و متفرقه, منها الطبيب, و الحلاّق و الأرملة, و ترينيداد و مينا و كل منها له حكايته.

عادةً لا تعجبني الصفحات الأولى لأي رواية أقراؤها, لأنها البداية, لأنني لم أتعرف بعد على أناسها و أماكنها, كل شئ غير مألوف, لكن دخول جوّ الرواية يتطلب مني عادةً المرور بأول عشرة صفحات, و هذا ما حدث. لم أتعلّق كثيراً بالرواية كثيراً لكن مع توّضح أحداثها ازداد اهتمامي بمعرفة الشخصية التي تسببت بكل هذه الجلبة.
في ساعة نحس, اسم لم أجد صلته بالرواية, قد تكون ساعة النحس عندما اشتريت الكتاب! لأنني و برغم حبي للكاتب و أسلوبه الروائي الغني بالتفاصيل التي تخلق جوّ الرواية أمامك بظلاله و زواياه و أناسه بل و حتى روائحه ,أسلوبٌ ممتع لحد الإرباك ربما, فأنا و باقتناع لم تعجبني الروايه, قد يكون التقطّع المستمر في قراءتها هو السبب, قد يكون المترجم, قد أكون أنا ! لربما أحتاج لقراءتها من جديد في أحد الأيام, لكنني لم أجد ما كنت أبحث عنه, افتقدت سحر ماركيز الذي تعوّدته في معظم كتاباته.

الرواية بشكل عام لم تكن سيئة لكنها كانت دون المستوى, لا أنصح بها لمن يبحث عن بداية و عقده و نهايه مفهومه, فالرواية كتبت بأسلوب يتجاوز التقليدي, قد تصاب بخيبة أمل حين تنتهي من قراءتها, و قد تتسائل اذا ما اختفت صفحات من الرواية لكن النهاية مفتوحه و لن تشبع فضولك, و بالرغم من ذلك اذا كنت من محبي الكاتب الكولومبي قد توّد تجربتها, لها مني نجمتين من خمسه.

في ساعة نحس - La mala hora
رواية قصيرة (280 صفحه)
الطبعه الأولى 2003
كتبها غابرييل غارسيا ماركيز
كتبت و نشرت عام 1971
ترجمة: كامل يوسف حسين